Research Article | Volume: 5 Issue 1 (Jan-June, 2024) | Pages 1 - 10
The Significance of Formal Employment Executed on Ancient Iranian Pottery
1
Supervision and Education Department, General Directorate of Education in Thi Qar, Thi Qar, Iraq
Under a Creative Commons license
Open Access
Received
Jan. 14, 2024
Revised
Feb. 7, 2024
Accepted
April 10, 2024
Published
June 30, 2024
Abstract

 البحث يتناول الفخار الإيراني القديم، مشيرًا إلى أهميته التاريخية والفنية، وكيف أنه يعكس التحولات الثقافية والفنية عبر العصور. يُظهر الفخار الإيراني تأثيرات متنوعة من حضارات مختلفة، نتيجة لامتداد الإمبراطورية الفارسية، ويحمل دلالات ورموزًا متعددة تُعبر عن المجتمع والثقافة الذي نشأ فيها.

البحث يهدف إلى استكشاف هذه الدلالات الشكلية والرمزية، ويحدد الفترة الزمنية من 700 ق.م إلى 1500 ق.م، ويقتصر على الجمهورية الإسلامية الإيرانية كمكان للدراسة.

يُناقش البحث أيضًا الدور الذي تلعبه الدلالة في الفنون التشكيلية، وكيف أن الأشكال والرموز في الفخار ليست مجرد زخارف، بل هي وسائط لنقل المعاني والأفكار. يُشير إلى أن الفن هو وسيلة للتواصل الاجتماعي ويعكس الوعي الجمالي للمجتمع.
يُسلط الضوء على أن الفخار الإيراني يُعد مرجعًا هامًا للفنانين والباحثين، ويُقدم رؤى وتأويلات علمية قد تُثري المكتبات العامة وتُساعد في فهم هذا الفن القديم بشكل أعمق..

Keywords
مشكلة البحث :

شكل الفخار الايراني القديم منذ القدم الهام مهم لكل المتتبعين له على وجه الخصوص والفخار العالمي على وجه العموم ، لما شهده من معالم ومصورات وايقونات ، كانت السباقة عن غيرها من الحضارات القديمة ، وبعضها جاء اشبه ما يكون مستعارا من الحضارات المجاورة والغير مجاورة ، نتيجة لاتساع الامبراطورية الفارسية القديمة ، على حساب الاخر ، لذا جاء بالعديد من التحولات الشكلية ، والصورية ، وبمعطيات تباينت ما بين المراحل الزمنية ، والتي اتاحت بدلالات وقراءات عديدة ، شابها عدة تأويلات تبناها المتلقي دون الغور بالمعطيات او المعايير التي سيق بها هذه الاعمال ، والتي وضعت الباحثين عن تلك الدلالات تسعى لوضع تساؤل علمي منطقي يرتكز على البحث العلمي وهو (( ماهي دلالة التوظيف الشكلي المنفذة على الفخار الايراني القديم )) .

 اهمية البحث :

 يخوض البحث غمارا جديدا في ميدان البحوث العلمية والفنية ، من خلال الكشف عن ماهية الدلالات التوظيفية للأشكال المنفذة على الفخار الايراني القديم ، لما يشكله من اهمية عالية في تاريخ الفخار العالمي القديم ، والفخار الاسلامي ، والذي شكل مرجعا لدى العديد من الفنانين الايرانيين على وجه الخصوص ، لذا يقوم البحث بأعداد رؤى وتأويلات علمية نادرة ، تزدهر بها المكتبات العامة ، الساندة لبحوث المتتبعين لهذا الفن القديم . 

هدف البحث : 

       (( الكشف عن دلالة التوظيف الشكلي المنفذة على الفخار الايراني القديم ))

حدود البحث : 

الحدود الزمانية : 700 ق . م  -   1500ق . م 

الحدود المكانية : الجمهورية الاسلامية الايرانية 

الحدود الموضوعية : التوظيف الشكلي المنفذ على الفخار الايراني القديم 

       تحديد المصطلحات : 

الدلالة لغويا : "دله على الشيء يدله دلاً ودلالةً . فاندلَ : سدده إليه ودللته فاندَلَ ، والجمع أدله وإدلاء والاسم الدَلالة أو الدِلالة ([1]).

 الدلالة اصطلاحا : تتعلق الدلالة بالمعنى المراد إيصاله فهي : "تصور ذهني لأشياء موجودة في العالم الخارجي ، تتعلق بإنتاج المعنى ، من خلال عملية الاتصال ، أي ما يريد المرسل إيصاله إلى المتلقي ([2]) .

الشكل لغويا : (الشكل بالفتح، الشبه والمثل .والجمع اشكال وشكول ).([3])

الشكل اصطلاحا : ثمة شكل بالمعنى الادراكي الحسي هو شرط ضروري للتشخيص الادراكي الحسي للمحتوى ، وثمة شكل بالمعنى البنائي وهو تناغم معين او علاقة تناسبية للأجزاء مع الكل ، وكل جزء مع الاخر يمكن تحليلها وفي النهاية تحويلها الى كيان .([4])

الفصل الثاني : الاطار النظري والدراسات السابقة 

المبحث الاول : فاعلية الدلالة في التنظيم الشكلي : 

في اية صيغة كانت تشكيلية او ادبية ، هي بالواقع وسيط  فكري لنقل شفرات ممزوجة بأبعاد عدة ، يتم فيها الابداع عبر سلسلة من المرجعيات والمؤثرات ، والتي تمظهرت بدوافع الايصال، وعلى هذه المسلمات اتخذت اوجه التواصل البشري دلالات متعددة اولها التواصل الاجتماعي ، اذ يشخص  العمل الفني ليجد متلقيه ، لتكون دوافع الفن هو التواصل الاجتماعي مع علمنا ان الفن هو وليد المجتمع وانه احد وسائل الايصال فيه ، ليشكل علم الدلالة "هو علم تفسير معاني الدلالات والرموز والاشارات وغيرها، ويعد من احدث العلوم في ميادين اللغة والادب والنقد وهو امتداد للألسنية.. وتطوير لها، ويهتم بدراسة انظمة العلامات واللغات...الخ"([5]). والدلالة ذاتها ، كما في اللغة ، في الفنون التشكيلية ايضاً فالبنية العامة للغة بوصفها مضموناً يمكن ان تنعكس على الفن، اذ ان العمل الفني هو "نظام من العلامات، او بنية من العلامات مكتملة ومكتفية بذاتها ، تؤدي غرضاً جمالياً خاصاً".([6]) فالدلالة في المعنى اللغوي تبدا من المفردة الكلمة التي لا تكون كاملة الا في سياقها لان السياق هو الذي يحدد لها المعنى الحقيقي، اذ ان "المعاني لا تبدو مستقرة بل انها تعتمد مع المتكلمين والسامعين والسياق".([7]) وانطلاقاً  من رؤية اصحاب الاختصاص ، فان نشوء الدلالة الفنية يرتبط في اركان المجتمع وفي وعيه الجمالي، لذلك فان العمل الفخاري يتقارب مع ذلك الوعي في حقبته او نظام يعي حقائق المعنى المترسب، وتتحول المعاني وتتحول الى صنائع اخرى جراء اعادة انتاجها من المتلقين، وعليه فان كل الانظمة الثقافية تتدخل لغرض فرض الاشكال المناسبة لهذه الثقافة او تلك، وكأن الانسان قد اوجدها او هي فرضت عليه في حقلها الرمزي او المتعارف عليه، يقول رونالد بارت في معرض دفاعه عن التفسير الرمزي للفن "ان أي عمل فني باعتباره رمزاً ، ينطوي على معان متعددة ويضيف ، في العمل الفني هناك عدة معان متزامنة ، ويرجع سبب ذلك الى بناء العمل ذاته لا الى عجز صادر عن الذين يقرؤونه ، وهذا الامر بالذات هو الذي يجعل من العمل عملاً رمزياً ، فالرمز ليس صورة وانما هو مجموعة من المعاني المتعددة".([8]) إن الدلالة لا توحد كائنات أحادية الجانب، ولا تقرب بين لفظين فقط ، لسبب هو إن كل من الدال والمدلول طرف وعلاقة في الوقت ذاته.([9]) وعليه يمكن القول عن الدال، هو كونه وسيطا (ماديا) للمدلول ، والربط بين الدال والمدلول يمكن وصفه صبغه تعاقدية مبدئيا، هذا العقد جماعي منقوش في زمن طويل([10])  والعمل الفني يقوم على محاكاة الواقع ، فالفنان ينتقي بعضا من عناصر الواقع ويقدمها على شكل عمل فني ، ليعطي من ورائها مقولات اجتماعية واخلاقية0 والمتلقي بدوره يتلقى تلك العناصر وما ترسله من علامات ، فيردها في ذهنه إلى مرجعها الحقيقي، ويمكن القول بان المرجع هو "تخيل المتخيل" المتماثلة طبعا من متلقي إلى آخر، بلا شك ان عمليات التنظيم الشكلي هي عمليات بناء وتركيب عناصر معينة في التكوين، "هي تنظيم العناصر المرئية للهيئة التصميمة لارتباطه بالعناصر اللازمة كالخط والشكل واللون والمساحة والضوء وملامس السطوح ،بحيث تلائم كلها لخدمة الشكل العام"[11] ان كل تنظيم شكلي يعكس  رؤية في نظام الفكرة ، وهدف يؤسس وجوده ، ويمكن اكتشاف مدى فاعليته في المنجز الفني ، وقدرة الفنان او المصمم على الابداع والابتكار، لتكفي وحداته وتأكيد بنائها وتحديد مواضعها ضمن ابعاد الفضاء المشروطة ، في تحقيق ثبات التناسب على مستوى الوحدات المفردة الدالة من صور وعلامات وعناوين بما تعكسه على الكل ، والفعل المتغير لتحقيق الخيارات امام المنفذ لأحداث التكيف والموائمة بين هذه الوحدات ، وبناء خصائصها بما نضفيه من دلالات متنوعة ، حيث تؤدي عملية تكفي بناء الوحدات الى تنظيم علاقات الشد والجذب فيما بينها ، بما تعكسه من تغيرات مفاجئة في العمل لارتدادات الاضداد وعمليتي الحذف والاضافة المتحققة لذات الوحدات، تعد عاملا مؤثرا لفاعلية المجال المرئي واضفاء الحركة المدركة خلاله.([12])  فالإنجاز الفني يعني أن يقوم الفنان بتشكيل صور ذهنية من المقومات الحسيه الادراكية الكثيرة التي سبقه له تحصيلها، وهو يقيم تلك الصور التخيلية بالانتقاء من بين المقومات الادراكية المتذكرة الكثيرة، ويربط فيما بينها وبين الصور الادراكية الانيه التي تقع وقت أعمال خياله في الموقف(13) . العمل الفني، له سياق وهو بنية ووحدة غير كاملة من دون معرفة الدلالات والتأثيرات  المصاحبة له ليكون في السياق الذي ينتج لغتهُ ومعناه، يرى (كلودليفي شتراوس) انه "بقدر ما القطعة الفنية هي اشارة للشيء وليست إعادة انتاج حرفية له فهي تبين شيئاً لم يكن معطى للرؤية التي عنـدنا لهذا الشــيء ، وهو بنية لان السمة الخاصة للغة الفنية هي انه  دائماً تقابل عميق بين بنية المدلول وبنية الدال" ([13])  ولعلنا لا ننسى الدور المهم الذي أدّته الصورة عبر الزمن ، فالصورة كانت وما زالت اليوم مجبرة دائماً على تسويغ نفسها امام الفكر المنطقي ، لان هذا الفكر الذي يمثله الفلاسفة ومنهم (سقراط) ، فهم مجبرون على تسويغ انفسهم امام الوعي الديني "الميثولوجي" لدى المجتمع في تلك المدة … هذا اضافة الى حب الانسان للاستطلاع وطموحه وارادته في حب التعلم ، فاصبح كياناً متحركاً يتجه مرة الى متطلبات الحياة الانسانية ومرة اخرى الى الطبيعة ، اذ وجد الانسان نفسه حراً يسمو على الطبيعة لأنه بدأ يتصرف باتجاهها بتخطيط ، وفكر منطقي ، وفي ضوء ذلك اصبحت هذه المفاهيم بتداخل عناصرها مادة شكلية صورية وفعل مهمة في ظهور الفن والصورة الفنية ([14]). إذ إن جميع عناصر العمل الفني تمتلك قيمة تواصلية في ايصال الرسالة للمتلقي وتتمثل في الخطوط ، والألوان ، والمساحات ، والتكوين العام حيث تكون بحد ذاتها مادة تعني شيئاً تبغي ايصاله وابلاغه للمتلقي، فالعمل الفني فضلاً عن أنه ذو وظيفة جمالية فأنه يمتلك وظيفة أخرى وهي التواصلية والتي تظهر واضحة في بعض الفنون كالفخار ، والرسم ، والنحت ولا تظهر في بعضها الآخر([15]).


 


[1]. ابن منظور : لسان العرب ، المجلد الأول ، دار لسان العرب ، بيروت ، ب،ت ، ص1006 . 

[2]. رشيد ، أمينة :  السيموطيقا ، إشراف : سيزا قاسم ونصر حامد ابو زيد ، دار الياس العصرية ، القاهرة ، ب،ت ، ص49.

3 .ابن منظور ، لسان العرب، دار صادر ودار بيروت،ج3 ، مادة جرد،1956،ص379.

[4] ريد هربرت، (حاضر الفن) ترجمة سمير علي، دار الشؤون الثقافية العامة ،بغداد-1986،ص89.

(5) - محمد عزام ، النقد والدلالة نحو تحليل سيميائي للادب، منشورات وزارة الثقافة، سوريا، 1996ص 8.

 

([6])  ، كلر، جوناثان، فردينادي دي سوسير ، (اصول اللسانيات الحديثة وعلم العلامات)، تر: عز الدين اسماعيل، الناشر المكتبة الاكاديمية، القاهرة، 2000.

 ص 21.

([7])منقور عبد الجليل، علم الدلالة، منشورات اتحاد الكتاب العربي، دمشق، 2001.

 ، ص 10.

([8])خرابتشنكو، طبيعة الاشارة الجمالية ، ت: مصطفى عبود ، ط1، دار الهمداني للطباعة والنشر، عدن، 1984، ص 14.

([9]) رولان بارت، مبادئ في علم الدلالة ، ت: محمد البكري، دار الشؤون الثقافية العامة، افاق عربية،ط2،بغداد،ص79.

([10]). رولان بارت، مبادئ في علم الدلالة، ت: محمد البكري، المصدر نفسه ،ص81.

[11] Wusius wong،principles of two Dimensional Design،New york،1977.p.5.

[12] ويليك، رينيه، مفاهيم نقدية، ت. محمد عصفور، عالم المعرفة، مطابع الرسالة، الكويت،1987،ص32.

(13) اسعد يوسف ميخائيل:سيكولوجيه الابداع في الفن والادب (القاهرة:الهيئة المصرية العامة للكتاب ،1986،ص172.

([13]) جان دوفينيو، سوسيولوجيا الفن ، ت. هدى بركات ، منشورات عويدات ، بيروت .

([14]) ذغاتشيف غورغي: الوعي والفن ، المجلس الوطني للثقافة والفنون ، الكويت ، ص154.

[15] موركافسكي، جان. الفن بأعتباره حقيقة سيموطيقية(في مدخل إلى السيموطيقيا)، تر. سيزا قاسم، مطبعة الياس العصرية، القاهرة، جـ2، 1986، ص288.

المبحث الثاني : خصائص الفن والحياة في الفكر الايراني القديم : -

 

ليس هناك شك في ان الأساطير الدينية صبغت الفن ، والحياة ، الايرانية بصبغة أخرى ، كما انها اضافت معبودات جديدة ، ولم تستطيع الديانة الايرانية التملص من هذه الأساطير، بل أصبحت لها مع مرور الأيام قدسيتها ، مما شجّع الكهنة على ان يضيفوها إلى المعتقدات ، غير ان هذا التسامح في قبول الأساطير لم ينته بانتهاء عصر ، بل مضى مع العصور ، ليضيف كل عصر ما يملك ، فإذا العقيدة الايرانية ، تضمّ كم هائل من خليط الخرافات والاساطير ، فأخذت تزداد وتنمو زمنا بعد زمن لم يكن للإيرانيين دين واحد ، كما لم تكن هناك وحدة زمانية أو مكانية للمعتقدات ، فهناك دائما الدين الرسمي والعقائد الشعبية تسير مع القوات المتتابعة على السلطة ."([1]) كما لم تكن للأديان الايرانية خصائص مميزة لواحد من المذاهب المعروفة بل كانت تجمع بين هذه المظاهر جميعا وان غلب عليها الغموض وتعارضت أحيانا مع بعضها البعض ، لذلك فان عرض الديانة كوحدة متماسكة عسير وذلك بالنسبة لخصائص الديانة نفسها . وكان للعمل الجماعي في الصيد وجمع القوت إيقاعاً كشف عن وجود ارتباط وثيق بين فن الإنسان البدائي وأسلوبهِ في الحياة ، وتوصل علماء (الانثروبولوجيا) لنتائج تبين تأثير الفن بصورة عامة بالبيئة ، وهذا ما يؤكدهُ تأثير الفن البدائي بصورة الحيوان ومحاكاتهم لهُ في فنون الرسم والنحت ، وارجعوا السبب في ذلك إلى تقديس الحيوان في العقيدة السحرية([2]) ، والتي آمنوا بها ، حيث حاول إنسان تلك المرحلة أن يوهم نفسهُ عن طريق السحر أنهُ عندما يقوم برسم الشيء يكون قد سيطر عليهِ وهو بذلك يجهد نفسه ليصنع الشيء الشبيه والمطابقة للشكل ، معتقداً أن الصورة تلزم الأصل ولا يستطيع الفرار والمقاومة ، بل يظل تحت سيطرة مالكهُ([3]) ، وحيث كان يقيم بعض الطقوس السحرية مستخلصاً من خلالها ظاهرة طبيعية ، أو حاجة أصبحت مهمة في حياتهِ([4]) . وتبلور هذا الوضع ليكون ذا أثر واضح في تفكير وعقلية الفنان الإيراني القديم ، وبقي الفكر السحري مسيطراً في هذهِ المرحلة الزمنية وخاصة في منطقة تل سراب ، فإلى جانب التماثيل أو المنحوتات البشرية مثل تماثيل المعبودة الأم ، برز في الفكر الإيراني القديم تقديس الحيوانات ، حيث كانوا يجسدونها كثيراً في اعمالهم ، والتي تجسدت في بعض اشكال التماثيل الحيوانية .

وفي هذهِ المرحلة وخاصة ما يتصل بالناحية الفكرية ، توصل إنسان إيران القديم إلى نوع من الاعتقاد بالحياة في العالم الآخر ، فاهتم بدفن موتاهُ أسفل أرضيات المنازل ووضع مع الموتى أدوات الزينة الخاصة بهم ، وبعض الأواني ذات المغزى الديني لاعتقاده بأن الإنسان المتوف يمكنهُ أن يشارك في الطعام العائلي ، وأن حياتهُ في العالم مشابهة لحياتهِ على الأرض والدليل على ذلك ما وجد في إحدى المقابر من إشارات إلى ذلك ، ووجود فأس حجرية مصقولة بالقرب من الهيكل العظمي ، وكان يوضع مع المتوفى طعام سائل أو يابس وهذهِ الاعتقادات بحياة ما بعد الموت ، تعد تقدم تطوري يصل إليه الإنسان بعد تطورهِ المادي الدنيوي بصورة ملحوظة([5])  وتعتبر مرحلة (تل سيالك) احد الأطوار الإيرانية القديمة في شمال الهضبة الإيرانية وأول موقع يكتشف عن العصر الحجري الحديث بالنسبة للحضارة الإيرانية القديمة ، فبعد إن استقر إنسان إيران القديم ، لم يترك الكهوف والمراعي والتنقل بل استوطن في أجزاء وبقي على طبيعته الأولى في أجزاء أخرى ، وعندما استقر إنسان تلك المرحلة في إيران خلال العصر الحجري الحديث بدأت فنون زخرفة الأواني الفخارية ، وعن طريقها ساعدت على التعرف على طبيعة الأفكار والمفاهيم والمعتقدات والتقاليد التي كانت سائدة ومنتشرة في تلك الفترة ، فكانت بدايات هذهِ الفخاريات بدافع متطلبات حياتهِ والناتجة عن متطلباته الحياتية والحياة اليومية ، ومعظم ما ظهر من الرسوم والزخارف كان ذا رؤىً ومفاهيم فكرية ولها صلة بالوضع الاجتماعي والمعيشي وحياة الجماعة في تلك المرحلة ، فكانت الرسوم في البداية عبارة عن اشكال هندسية من الخطوط الأفقية والعمودية غير المنتظمة ، ويعتقد أنها كانت تقليداً لحاويات السلال التي كانت منتشرة في تلك المناطق قبل معرفة صناعة الفخار([6])  ان جميع الأديان القديمة تحتفظ بأساطيرها الخاصة بها اذ لا يمكن ان تنمو الاديان ويزداد تركيبها  من دون ان تخلق معها تلك الاساطير الخاصة بها([7])  ولا يكاد تراث امة او شعب يخلو من وجود الاساطير، التي بدورها احتلت مكانة واسعة في فكره وهي بلا ريب تعكس شغف الانسان القديم بالبحث عن اصل الاشياء وبداية الخلق ومحاولة منه في فهم اسرار الكون والطبيعة ، وهو في هذا كله لم ينفك عن الايمان بالأفكار والمفاهيم والعقائد السامية . ([8]) لقد كان تعبير الانسان عن علاقته بالآلهة ، والكائنات الاسطورية المختلفة بواسطة اشكال متعددة من الشعائر والرموز، والتي هي في مجملها تعد لغة إنسانية تفسر طبيعة علاقته بما يعتقد ، وتحدد المواقف المتباينة  التي دفعته الى هذا الاعتقاد،  وان سلوك الانسان وسعيه الى المطلق ، والى الكائن الاعلى ، او الكائنات السامية ، وايمانه بها ، وربط حياته برموزها . كل ذلك شكل الاساس الديني للإنسان  والحق ان هذا الاساس الديني لم يكن  ليتجلى الا من خلال الاسطورة . ([9]) وكغيرهم من شعوب العالم القديم ، يعبدون معبودات ترتبط بظروف بيئتهم ، ونظرا لأنهم كانوا يعيشون في مناطق جبلية فان اهم معبوداتهم كان زوجا من الالهة احدهما ( اله العواصف والمطر) والثاني( اله الشمس) احياناً والارض احياناً اخرى ، الى جانب ما عبدوه من الحيوانات ، فكان إله الشمس عندهم ( مثرا) والارض (زام) والريح ( وهيو) كما عبدوا الماء والنار ايضا .([10])    وكان الفرس القدماء يعتقدون ان روح العالم مقيمة في ثور بدائي يسكن السماء ، وفي الثقافة الهـندية ، حيـث ان الشعوب الفارسـية هندواوربيـة كان الثور تجسيداً كاله من الاله ( اندار) والاله( شيفا) .([11]) 

ولذبح مثيرا للثور موضوعا هاماً في الفن الهيليني حيث اصبح طقس ذبح الثور نموذجا للخصوبة في ديانة  (ميثرا) ، فبينما كان الرجال يعبدون  ( ميثرا ) ، كانت النساء ( الزوجات والبنات) يعبدن مجموعة من الالهة الاخرى ذات العلاقة بالنساء ، هذه العبادة للالهة النسائية كانت تتطلب منهم تقديم ذبيحة الثور للالهة النسائية، حيث يتم عمل حفرة في الارض وتوضع فيها ، ويتم اغراقها بدم الثور المذبوح اذ تأتي  الحفرة هنا رمزا للموت، ودم الثور للتطهير، وخروجها من الحفرة رمزا لبداية حياة جديدة حيث عد الثور رمزاً للرجولة والقوة الجنسية، وذبح ميثرا للثور رمز لانتصار الروحانية في الانسان على الشهوة والجانب الحيواني .([12]) وبهذا المعنى يكون الشكل هو ناتج عملية التنظيم البنائية للأجزاء، وعلاقات ربطها وصولاً الى المعنى الخفي وراءه ، أي الدلالة الشكلية، التي تعبر عن الأفكار التي وجهتها المنظومة الدينية والعقائدية الى المتلقي ، فلا يمكن الفصل بين الشكل ، والتنظيم البنائي للهيكل العام والمعنى ، فالتنظيم يعمل على تقويم الشكل وهو يحتاج الى ما يدل عليه ومن خلال الشكل نكتشف العلاقة الحقيقية بين الفنان وحضارة المرحلة التي يعيشها فالمرحلة او الحضارة او البيئة المحيطة للفنان هي التي تمنح الشكل وتفرض عليه مضمون العمل الفني . وقد ازداد الاهتمام بالشكل كثيرا وغدت الاواني الفخارية غنية بالزخارف الى درجة انها اصبحت من ادوات الترفيه ، فنجد التصاميم بهيئة علامات ذات بنائية هندسية كالمربعات ، والمستطيلات ، والمعينات ، والدوائر ، والنجوم ، فضلاً عن ذلك تحولوا إلى ممالك الحيوانات لغرض الإلهام ، فصورت الحيوانات بصفة خاصة بتمكين خلاّق وبكل بساطة بهدف التعبير عن الجوهريات ، وهنا أصبحت الأواني الفخارية غنية بالمعاني الروحية العميقة ، بما حملته من اشكال بحركات دائرة قصد بها الفنان جلاء الرمز إلى قوة الحياة الدائمة.(2) ان الفكر الايراني وتاريخه يقدم لنا ظاهرة لها خصوصيتها الذاتية في فارس ، لعل ذلك راجع الى تأثير سامي  يلتحم التأمل الفلسفي بالدين التحاما لا تنفصم عراه والمفكرون ذوو الاتجاهـات الفكرية الجيدة ، هـم انفسهم دائما ، او غالبا  مؤسسو حركات دينية جديدة ايضا .([13]) وبذلك فقد تطور الفكر الاعتقادي الديني من عبادة الهة متنوعة شملت قوى الطبيعة ، إلى عبادة الإنسان ( الاله الملك ) متمثلا بسلطته السياسة ومقرها ( قصر الملك ) وهو أيضا مقرٌ للسلطة الدينية ، يتبعه في ذلك تحولٌ في تغيير الطاعة من الآلهة الغيبية الى طاعة الاله الملك.([14])  ولكي نعي مفاهيم ورؤى الثقافة الإيرانية القديمة ومعتقداتها ، لابد من الإحاطة برموز الرسوم وتعابيرها التي كانت سائدة في تلك الحقب الزمنية الماضية ، إذ أن هذهِ الأشكال والرسومات التي ظهرت في الاعمال الفنية الإيرانية ارتكزت على الأغلب على المبادئ الاعتقادية والقيم الأخلاقية التي كانت سائدة بين سكان بلاد إيران القديمة ، باعتبار أن الرمز ذا دلالات وقيم جمالية ولما لهُ من دور كبير في التداول القديم في الأمور الاجتماعية العقائدية ، فقد أنجزت عن طريقه ومن خلاله إعمالا فنية دلت وعبرت عن اتجاه المجتمع الفكري التعبدي ، حيث ارتبط الفكر والثقافة الإيرانية القديمة في مجمل ابعادها بالخيال والقصص والأساطير ، والتي كانت تعبيراً عن حاجة وصورة لتطلعات ملحة وهادفة ، فبعد أن كانت هذهِ الرسومات تحمل نقوشاً هندسية تزيينيه عبارة عن خطوط متوازية ومتقاطعة ، وهذا ما ظهر من منطقة تل سيالك كما مر ذكرهُ ، وكذلك في منطقة تل كيان ، أصبحت اغلب هذهِ الزخارف عبارة عن خطوط حلزونية ورؤوس سهام وبخطوط متوازية ، وظهرت أيضاً رسومات على شكل مغزلي أو معينات ، وفي بعض الأحيان على شكل مثلثات مفردة ، أو عبارة عن مجاميع بشكل متكرر ، وظهرت هذهِ الرسومات بأشكال محورة وملامح مجردة تعبر عن ارتباط الإنسان بالبيئة الطبيعية والمتمثلة بتحوير الاشكال الطبيعية والهندسية على شكل خطوط ومثلثات ومعينات،([15])  ان مثل هذا الفكر الناشط لمدارك الانسان الفكرية ، وبفعل تراكم التجربة وزيادة الخبرة ، ومراقبة الظواهر، استطاع الانسـان ان يجد لنفسه تصورات يدرك من خلالها بيئته الخارجية ، وهذه المدلولات الرمزية التي اكتسبت معاني طقوسه كانت قد شهدت عرفا جماعيا، فكانت من نتاج التصور الديني للعالم لدى شعب بكامله ، وباتت مهمتها الاعظم استقصاء الماهية الاولى لفنون هذه الفترة او تلك التي تدور في تلك الجوانب التعبيرية للأعمال الفنية ، وتتلخـص بتلك المضامين الجماعية الدينية والاجتماعية لمرحلتها التي سبقت .([16]) ولكي نتتبع العملية بدقة يجب أن نحلل الدلالة ، إلى الأجزاء والسمات التي يتركب منها العمل الفني في فترة أو زمن أو عصر ما مثل المواد المصنوعة منه وأبعاده وأشكاله ، وموضوعات وطرق تنفيذه...الخ. وعلى هذا الأساس تقاس عمليات الاستمرار والتعديل وتفسر التغيرات التي طرأت عليه مثل زيادة الزخرفة السطحية أو الشكل الإنساني المنحوت أو المرسوم أو الشكل الحيواني والذي يمكن تتبعه خلال آلاف السنين ، ومن ثم فان الشكل يكيف نفسه للبيئة الثقافية المتغيرة من عصر إلى آخر، كون الدلالة الشكلية تتغير عبر الزمن بهذا المعنى. لذا يعد التغيير في أشكال الثقافة ينشأ من البيئات المتصلة بها، سواء كانت مادية أم ثقافية ، وتشمل البيئة المادية المكان الطبيعي الذي تعيش فيه الجماعة ومواردها في أي وقت معين...غير إن البيئة الثقافية تشمل أيضاً الخلفية غير الملموسة التي تتألف من العادات والمعتقدات والاتجاهات الفكرية والأنشطة العملية ([17]).وفي مرحلة لاحقة وخاصة في نهاية الالفية الاولى قبل الميلاد ، خضعت المناطق الإيرانية لتأثيرات خارجية حضارية وفكرية ودينية ، جاءت إليها من مناطق متعددة خارج الهضبة الإيرانية ، ولم تصل اليها في حينها في وقت واحد ومن منطقة واحدة ، بل جاءتها مرة من الجنوب الغربي ، ومرة من الشمال الشرقي ، وبالتالي ادت هذهِ التأثيرات إلى تغيرات على الثقافة في بلاد إيران القديمة ، ولم تكن هذهِ المنطقة الوحيدة التي سايرت التأثيرات الغربية التي أثرت بشكل كبير في الفكر والثقافة ، بل تعداهُ الى أغلب السواحل الشمالية للخليج العربي([18]) ، فالمجوس اثبتوا اصلين إذ زعم المجوس الاصلية ان الاصلين لا يجوز ابد ان يكونا قديمين ازليين بل وهذا اهم مبادى فلسفتهم وافكارهم والتي من خلال صيغ معتقداتهم بان النور ازلي والظلمة محدثة ... ولهم اختلاف في سبب حدوثها امن النور حدثت والنور لا يحدث شرا جزئيا وبهذا يظهر خيط الموس من خلال مفكرهم الاول المهم الاعظم (يزدان) ويزدان ازلي قديم، و (اهرمن) محدث مخلوق ، ويزدان فكر في نفسه انه لو كان لي منازع كيف يكون ، وهذه الفكرة رديئة غير مناسبة لطبيعة النور، فحدث الظلام من هذه الفكرة ، وسمي اهرمن ، وكان مطبوع على الشر والفتنة والفساد والضرر والاضرار، فخرج على النور وتمرد علية فخلق انتقاله فكرية اخرى في مراحل الانتقال الفكري لدى سكان بلاد فارس من المجوس."[19]" وإن أبناء الديانة المجوسية عبر التاريخ اخذو بعقيدة التوحيد ، بعد احتكاكهم بالمسلمين واصبح المجوس الذين يسمون اليوم بـ (البارسيين) يؤمنون باله واحد، هو اله الخير (يزدان) ولا يشركون معه اله الشر والظلام (اهرمن) كما فعل اسلافهم الاقدمون وقالوا ان (اهرمن) لم يكن له وجود حقيقي وانما حبس بنفس الانسان من خواطر السوء... وهذه انتقاله صورية اخرى للعقيدة المجوسية ، أحدث هذا التحول فراغاً مضطرباً بالعقيدة الفارسية انا ذاك لتخلف نوع من الفوهات ساعده في ذلك الانقطاع ، والتباعد الزمني بين الرسل والانبياء وعلى واقع المقارنة الزمنية مع المسافة الفاصلة ما بين المجوس والديانة (الزروشتية) نجد ان الانبياء تقف عند النبي سليمان عليه السلام من حيث ولادته ووفاته 961 – 922 ق.م ، كأحد الانبياء وان اخر الرسل هو عزرا 500 ق.م ."[20]"، كما اتت الديانة الرسمية للفرس الساسانيين الزرادشتية التي تبنتها الدولة منذ القرن ال 3 م والتي كانت تقوم على عبادة النار في ثلاثة  اصناف من المعابد  صنف على عدة اسس اتت من حيث اهمية الفرد بالمجتمع ودوره الاساس , فخصص معبد نار للكهنة . و معبد نار لرجال الحرب , ومعبد نار للفلاحين . وقد اقيم في هذه المعابد الطقوس المركزية وتقسم الى قسمين : طقوس النار وطقوس القربان «الهوما» Haoma والنار رمز أهورا مازدا وابنه ، فكان لا بد أن تحفظ بعيداً عن التلوث في معبد النار، فلا تراها الشمس ولا عيون غير التابعين الامنين به ، وهناك عدد من النيران المقدسة يسهر عليها أو على خدمتها الكهنة . فالنار الرئيسة هي «بهرام» Bah ram  أو ملك النيران الذي يتوج على العرش وعند زيارة النار يضعون على جباههم علامة بالرماد رمزاً للتواضع والمساواة والقوة و- الهوما - نبات وإله على الأرض، وفي طقوس – الهوما - يسحق هذا الإله ومن عصيره يستخرج شراب الخلود . وفي هذه القرابين الخالية من الدماء يكون القربان في آن معاً هو الإله والكاهن اذ يقوم المؤمن بتناوله مستبقاً بذلك القربان الذي سيقام في نهاية العام ويجعل جميع البشر خالدين , ([21])

 

 

 

 الفصل الثال

إجراءات البحث

مجتمع البحث:

شمل مجتمع البحث الحالي الأعمال الفنية الفخارية الايرانية القديمة ، والتي حصل عليها الباحث بعد زيارته للمتاحف الايرانية ، واطلاعه على ما هو منشور وموثق من مصورات لتلك الأعمال الفخارية في الكتب والمجلات ، وحيث تم حصرها بـ (50 ) عملاً فخارياً .

عينة البحث:

 من أجل فرز عينة البحث ، قام الباحث بوضع تصنيف محدد للأعمال الفنية الفخارية الايرانية القديمة وعلى أساس تأريخ إنتاجيتها، وتم اختيار العينة وفقاً بأخذ أسلوب العينة العشوائية إذ تم اختيار نسبة (10%) من مجموعة الأعمال لكل عقد ، ليبلغ بذلك عدد العينة (5) أعمال فخارية وكما مبين في الجدول (ملحق 2 ) .

 

منهج البحث :

 حددت مشكلة البحث الحالي وهدفه وعينته ، إتباع الباحث المنهج الوصفي (طريقة التحليل) حيث يتم وصف العمل على أساس إدراك دلالة بنيت الاشكال الكلية والعلاقات بين أجزاء العمل ذاته، ومن ثم القراءة التحليلية لمعرفة الدلالة الشكلية للأعمال الفخارية الايرانية القديمة .

تحليل عينة البحث :

انموذج رقم ( 1 )

يمثل الانموذج نحت فخاري قديم يعود الى الالف الثالث قبل الميلاد ،

جاء بهيئة امرأة واقفة ، تستقبل المتلقي ، نفذت بصيغة المبالغة لبع

اجزاء الجسد ، كالورك ، والافخاذ ، كذلك اختزال الصدر ، والايدي وكأن

الفنان عمد الاختزال التجريدي لهذه المنطقة ، كما ظهرت رقبة الجسد 

موازية بعض الشيء للجذع ، حيث اعتلاها عنصر بيضوي ، قارب شكل 

Description: IMGP5750الرأس نتيجة التركيب الشكلي لهيئة الانسان ، نظمت العناصر وفق مخيلة ارتكزت على اسس رضخت للتوجهات العقائدية السائدة في المجتمع الايراني القديم ، اذ شكلت المرأة منذ القدم احد اهم الإلهة الواهبة للحياة ، كبقية الحضارات الأصيلة المجاورة لها ، ليجسد الفنان الايراني هذه العقيدة ، من خلال تأكيده على ضخامة الورك ، بدلالته المعروفة عرفياً ، ليمنح المتلقي الغور في البنى العميقة والعمل على الكشف ، عن الدلالات الغائرة فيه ، فدلالة ضخامة الورك والارداف الحسية ، مكنت الفنان من صياغة المعطيات الدلالية ، للخصب والوفرة والحياة ، فهي بدلالتها اركنت القصدية السائدة للإغواء واللذة ، واشاعت الخصب والنماء ، ليغدق المنظومة المجتمعية بعدة دلالات ومفاهيم شكلية ، اضفت للرافد التصوري الايراني الفضاء الواسع في اعادة قراءة الجسد البشري ، بسلسلة من التساؤلات حول ماهية العناصر الجسدية ، وكيفية شحنها بعدة مفاهيم ، وفقاً لتوجيهات المعبد وتعليماته ، ليبين مما تقدم ان المضمون الديني في هذا العمل الفخاري كان قد اظهر ضرورة بنائية تجسدت في اختيار موضوع ذي فكرة دينية  تجسدت كحدث يمثل دلالة دينية ، وهذا الهيئة هي بحقيقة الامر ناتجة عن عملية الإحالة التي اعتمدها الفنان الايراني ، وهي إحالة بصرية إلى إظهار المشهد الديني الاله بصورة واضحة . ومن هنا شددت دلالة التضخيم والحذف ، على تفعيل المعطى الديني للمفردات الدينية الواردة في عمله هذا ، نتيجة لتحقيق الوحدة ، والسيادة ، والانسجام في ارتباط الوحدات الجزئية البصرية المشكلة لكلية التكوين ،       ان طبيعة الدلالة الدينية هنا ، هي بالحقيقة تجسيد لما يمكن ان نصفه بالأثر التلقائي والعفوي ، ولعله كان يتجه صوب ادراك جانب المفاهيم للدلالة ، من خلال تعزيز رؤية الفنان بنمط مهيمن من الخطاب الديني شكلا ومضمونا .

انموذج رقم ( 2 )

                                                                                                                                يمثل الانموذج جرة كروية الشكل يعتلي سطحها فوها كبيرة ، بشفة 

                                                                                                                            ارتفعت قليلاً عن سطح البدن ، وبنتوء صغير قرب الفوها ، جاء قريب

من اسفل البدن ، مصب باستطالة طويله ، اتصلت بأعلى البدن ، و

امتدت نحو الخارج هي الاقرب الى شكل المنقار الكبير ، كما استندت

 

 

 

 

الجرة على زوج من الاقدام ، المدببة نحو سطح القدم ، جاء البدن بحزوز بسيطة ، وبتقاطعات شبه هندسية ، لم يعطيها الفنان الايراني الاهتمام العالي ، لعله سعى الى جذب اهتمام المتلقي الى امين و موضوعات اخرى ، الغاية المنها تطابق الدلالة الشكلية مع التجسيد القصدي ، لمفهوم الماء المقدس او ما هو معروف عنه في ايران الكزوفرانا ، وهو ماء مقدس يستخدم  في المعابد ، من قبل الكهنة المجوس ، حيث يسقى به المتعبد اثناء تأديته طقوس العبادة ، وقد شاع في المجتمعات الايرانية كثيراً ، ومن بين اهم الاقوام الايرانية التي اعتنقت قدسية هذا السائل ، قوم يطلق عليهم سكان ( خورفين ) في اواسط ايران ، من هنا نجد ان الفنان الايراني وبدلالة التحوير لبدن الجرة ، قد شرع بتشخيص قوم بعينهم ، دون الاقوام الاخرى ، وهي دلالة باتت تعرف بها تلك الاقوام ، التي روت بأساطيرها المخيلة الايرانية ، التي الهمت العديد من الفنانين ، حتى بدت ايقونة لهم ، لم يقف الخيال الايراني عند حدود الحسية ، بل جاب المخيلة الحضارية للبحث عن سمة التفرد ، والابداع ، والتميز ، فهو زاوج ما بين تطلعاته وما بين المعتقد السائد لتلك الاساطير التي تحكي ، عن ان هناك سائل مقدس ارتوا منه احد الالهة العظام ، من اصحاب الشأن لدى عامة المجتمع ، وعلى الارجح يقترن بالإله ( زارادشت ) ، وبما انه اصبح الاله الاول لدى الاقوام الايرانية في تلك المرحلة ، عمد الفنان هناك على اعلان الخصوصية المراد تحقيقها لدى قوم دون الاقوام الاخرى ، كنوع من الولاء والاخلاص . كما ان الفنان الايراني القديم لم يقصد من عمله ، ان يزاحم المعنى الحسي بإضافة اشكال زخرفية على الأنية الفخارية بقدر ما كان يريد ان يظهر دلالة الشكل الرمزي وكيفية ارتباطه بالوظيفة ومن ثم بالسحر ، لهذا كانت وظيفة الحفظ للسائل ، واشكال الاقدام المضافة تحمل دلالتين رمزيتين هما (الجمالية والخصوصية الاستعمالية) معاً . 

الانموذج رقم ( 3 )

 

 

 

 

مثل الثور بهذه الهيئة  ، بوضعية الوقوف على أرجله الاربعة، 

وهو في حالة تأهب وتيقظ ، وبمبالغة قصدية لكتفيه الذي

                                                                                                                                        اعتلى الرأس بوضعية محدبة ، زود الرأس بزوج من القرون

 الرشيقة وهي متجهة نحو الاعلى انتهت بنهايات مدببة ، نفذ 

اسفلها اخدود عميق جاء كمصب سائل في منتصف الوجه ،

 اختزل من خلاله الانف والفم مما دل على تجويف الجسد . اخذ الظهر والبطن الوضع الاسطواني الواصل الى الكتلة الاخرى المتمثلة بمؤخرة الثور، مع تشخيص لعنصر الاخصاب لدى الثور على سطح البطن من الاسفل متمثلاً بالعضو الذكري وهي الدلالة العينية . ادى الثور دوراً كبيراً في الفكر الفارسي القديم ، من خلال المعتقدات الاسطورية باعتقادهم الاسطوري ، ان روح العالم مقيمة في ثور بدائي يسكن السماء  ، مما جعله يتطلع برهبة وخوف وبقدسية الى هذا الكائن وشراسته في الحصول على الغذاء ، وقوته الخارقة في إلحاق الاذى لمن يقترب او يريد النيل منه . كما اضفت صفة الاخصاب دلالة للبعد التصوري لقصة الخليقة ، ودوره البارز بها، من خلال ما لديه من هذه المقدرة ، كل هذه المسلمات مكنت الفنان الايراني ، على اضفاء مخيلته في تجسيده الواعي لدلالات فكرية وبيئية ، اظهرت القدرة على تحقيق الشكل وابراز المعنى وحمل المضمون ، فما كان من العمل في هيئته التفصيلية وما حمله من قيمة رمزية متمثلة بمواضع متعددة وظفت بدلالة القوة والالوهية والقدرة على طرد ما هو شرير و باطن ، في ابراز تصديه من خلال المبالغة بحجم مقدمة الثور، مع ما جاء عليه تشكيل الفم في ايضاح معنى سكب السائل المقدس المشير لمعنى الاخصاب ، اذ جاء معبراً في دلالته عن معاني قدرته على الخلق ، كونه المحفز للإنجاب ، لتأتي متكاملة في مغزاها وفي بعدها الفكري مع ما اكد عليه الفنان في الانتصاب الكامل للثور ، علاوة على انتصاب عضوه الذكري في تشاكله مع السائل المقدس. 

Description: wi-img6  لقد اظهر الفنان الفارسي مهارته التشكيلية من خلال انتقائه الجيد لمادة الطين في تنفيذه لمنجزه هذا، ودرجات فخره العالية وتزجيجه البسيط (المطفأ) مع نعومة الملمس وهي انتقاله نوعية في الفخار الايراني . فقد جرد التفاصيل الدقيقة للجسد، وعدم اضافة النقوش والخطوط والزخرفة مع تركه ناعم الملمس، باعثا بأهمية دلالة المضمون لدى المشاهد وعدم اشغاله عن مقصده الحقيقي ، واضفاء الاهمية الكبرى الى ما يحمله الكائن من خصائص داخل الجسد والتي يسعى المتعبد او التابع الى تأدية طقوسه امام مثل هذه النماذج المعبرة عن الخصب والمحملة به ، بحسب اعتقاده ، والتي لا تتم الا بعد تناوله للسائل المحمول بأجساد هذه الثيران المقدسة لديه .

 

 انموذج رقم ( 4 )

اناء فخاري ، ذو قاعدة دائرية صغيرة ،يتسع البدن عن القاعدة، و بارتفاع

 اسطواني رقيق ، وبانفراج بسيط للفوهة نحو الخارج ، نفذ على سطح البدن

من الاسفل خمسة خطوط متوازية ، يعتليها حقل يتكون من زوجين من

الخطوط ، مملوء بأشكال هندسية ، مثلثان يلتقيان من الرأس جاءت مكررة

على استدارة البدن ، يعتليه خمسة خطوط متوازية باللون الاسود ، مشكلاً فضاء ، شغل برسم شكل الوعل وهو بحالة الانقضاض ، وبجسد امتاز بالرشاقة والليونة ، مع تدلي الشعر من اسفل الفكين ، وبقرون متموجة ، امتدت خلف الجسد ، كنوع من التعظيم والتركيز ، للدلالة المعتنقة من قبل المجتمع ، حول طبيعة القرون ،  وما توحيه للشكل ، جاء التكرار كدلالة عن استمرار الحياة ، والديمومة ، مع التركيز البصري حول الديمومة الروحية لهذا الحيوان ، أوضح العمل طبيعة الفكر الفارسي باستعانته بالفكر ، وبإمكانية التخيل لتصوراته الدلالية للأشكال الحيوانية والهندسية والنباتية ، والتي حملها الفكر الايراني صفات الوهية، لما تتميز به من قدرات وخصائص وضعت اساساته الفكرية الاستيطانية، فجاءت نظرته للوعل من ملاحظة قدرته على التكيف مع البيئة الجبلية القاسية ، ومقدرته على التسلق ، ومن جهة اخرى دره للحليب كمصدر أساسي لغذاء سكان المناطق الجبلية، لذا أخذت هذه الأشكال مضامين قدسية تهدف الى مواضيع طقوسية ترتبط بالحيوانات وزيادة الاهتمام بها ، مؤكداً على ما تحمله من خصائص تعبيرية سعت من أجل الوصول الى تحقيق غاية الوجود الشكلي لها ، فاقترب الاناء او الشكل من الواقع الاجتماعي والفكري في بيئة بلاد فارس والابلاغ عن خصائصها . فالفنان الفارسي عمد في هذه الانموذج الى تبني مجموعة من العلامات ذات الاتصال الشكلي ، مع التنوع في طبيعة المفردة المتصلة مع مجاوراتها من المفردات ، التي تظهر على العمل الفني، فهناك أشكال هندسية، مثلثات وخطوط، وظفت على سطح الجسم الفخاري وانتظمت على آلية القصد التصويري للمشهد معبرة عن بيئته الجبلية ووفرة المياه والخيرات فيها . فالشكل الاعلى جزءً مكمل للجزء في الاسفل على وفق علاقة افترضتها مخيلة الفنان وذاكرته البصرية واستعارته البيئية ، جاعلا اياه بديلا عن اللغة الشفهية ، دافعا بالشكل كاستعارات للمخيلة والاداء الذهني.

الشكل (5)  جرة نذرية 

 يمثل الشكل جرة فخارية متوسطة الحجم قليلة التكور مائلة الى الهيئة البيضوية ، مع استطالة لرقبتها بانفراج قليل نحو الخارج ، نفذ عليها الفنان عدة حقول طولية متناوبة امتدت من الفوهة الى البدن ، رسم بداخل احدها زوج من الطيور باختزال وتجريد عالي توسطها شكل زخرفي متكون من ثلاث دوائر بيضوية الشكل ، الواحدة فوق الاخرى ملئت بأشكال معينية متصلة هي الأخرى ، تجاورها خطوط متموجة امتدت طولياً من الاعلى الى الاسفل كتوظيف لدلالة المياه المتساقطة من المرتفعات ، تصل بين الحقل الاول والاخر زوج من الخطوط المستقيمة المتعامدة والمتوازية جاءت فاصلة بين الحقول المتشابهة بالموضوع ذاته ، في تكرار المشهد حول بدن الجرة لكل منهما، معبراً عن معنى خزن لحوم الطير بسوائل حافظة له في الجرة، و مشيرا لمضمون البيئة ضمن مواضيع النمو والازدهار محملاً ببعد حياتي ، معيشي ، مؤسساً على وفق ما جاء بخصوصية الفكر الايراني القديم وهو يسعى لتأمين حياته ، معتمدا بتأسيساته على معطيات البيئة والطبيعة كأحد أهم عوامل الاستقرار، متشكلاً من انطلاق البعد الفكري للشكل الحيواني في حواره مع بيئته المائية والذي يكمل احـدهما الاخر، معلنا عن انتظام الحـياة الكونية، مع اشارته لمسألة ارتباط والحياة بعناصر المياه والنبات والحيوان ، مؤكدا على مفردتين أساسيتين هما ( الطائر والماء ) باسلوب اختزل فيه الشكل لصالح الفكرة، موظفا اياه بشكل زخرفي متناظر، خالقا قيمة جمالية مضافة الى القيمة الفكرية، محققا وحدة في الموضوع لا تنفصل عما جاءت عليه من مشهد فني معبر،صيغ في كلا الفكرين – الرافديني و الفارسي – بنظرة متقاربة نحو الشأن الحياتي في ارتباطه الكوني. 


 


([1]) إبراهيم ، نجيب ميخائيل . مصر والشرق الادنى القديم . القاهرة ؛ مطبعة الإسكندرية ، 1957 ، ص57 .

([2])  أميرة حلمي مطر ، فلسفة الجمال ، فلسفة الجمال ، وزارة الثقافة والإرشاد القومي ،مصر ،1962

 ، ص16 .

([3])  أكرم محمد كسار : قراءة في نتاجات الإنسان الفنية الأولى ، ب ت ، ص31 .

([4])  E. Durkheim . The Elementary forms of the Religious life ، London ، 1947 ، P. 28 .

([5])  R. Ghirshman ،  Iran from the Earlist Times to the Islamic Conquest ، p. 30 .

كذلك ينظر :

R. Ghirshman ، Fouilles de sailk ، Pres de kashan ، 1933 ، 1934 ، 1937 ، Vol. I، Paris ، 1938 ، P. 11 .

([6])   R. Ghirshman ، Fouilles de sailk ، Pres de kashan ، 1933 ، 1934 ، 1937 ، Vol. I، Paris ، 1938 ، P. 11 – 14 .

[7])  (الماجدي ،خزعل : بخور الآلهة ، الاهلية للنشر والتوزيع ، الاردن ،عمان ،1998، ص58 .

[8]))  فرانكفورت ، هـ . وآخرون : ما قبل الفلسفة ، ط2، المؤسسة العربية للدراسات والنشر بيروت،1982 ، ص263 .

[9]))  محمود كحيل: المثال او الانموذج بين الانساني والالهي في الفكر الحضاري القديم ، مصدر سابق ، ص127 .

(24) بهنام محمد بناه : كهن ديار ، ج1 ، انتشارات بذان ، طهران ،1385 ، ص 105 . (المجوس)*كلمة ،اصلها روماني،  اول من اطلقها (الاسكندر المقدوني) اثناء احتلاله بلاد فارس،على كهنة المعابد،وتعني، الرجل الداهية .

(25)LA urle schnelder adams .A Art Across Time – city Unirersity of New York 2006 ، p.75.

 

 

(2) أندريه بارو: سومر فنونها وحضارتها ، الدار العربية للموسوعات ، لبنان ، 1977، ص 92 .

(4) محمد اقبال : تطور الفكر الفلسفي في ايران ،ط1 ،تر: محمد محمود الشافعي ، الدار الفنية للتوزيع والنشر ، 1989 ، ص14 .

[14]) ) البصري ،ايلاف سعد علي : وظيفة الابلاغ في الرسوم الجدارية العراقية والمصرية القديمة ، مصدر سابق ، ص180 . 

([15])   Dyson ، R.H، Op. Cit ، P. 236 .

(1) زهير صاحب : الفنون التشكيلية العراقية في عصر ما قبل الكتابة ، مجلة الحكمة ، بغداد ،2006 ، ص196.

(1) زكريا إبراهيم: مشكلة الفن، دار مصر للطباعة، مصر، 1976، ص80. 

([18])   R. Ghirshman , Iran from The Earllest Times to The Islamic conquest , Ibid . P. 48 .

[19] - كارم محمود عزيز:التورة وتراث الشرق القديم. ط1 ،( دار الحصاد للنشر والتوزيع والطباعة – سورية – دمشق ) ، 1999 ، ص 69 .

 ص 71                                                                                                                                         

[20] -   المصدر نفسة                                                                                                                     

[21] - شهمردان , رشيد : برستشكاه زرتشتيان ( المعابد الزردشتية ) , انتشارات سازمان جوانان زرتشتي , تهران , بمبئي , ص 113 , 1336 قمرية . 

 

الفصل الرابع نتائج البحث ومناقشتها:

1 – شكلت الالهة الأم الركن الاهم في الفكر الايراني القديم ، كونها الباعث الاول للحياة ، بدلالة تضخيم عنصر الانجاب لدى المرأة ، وهذه كلها تعطي مدلولات رمزية خاصة بالخصب والأمومة كما في الانموذج رقم ( 1 ).

2 - جسد الفنان الرسوم المنفذة على سطح النموذج الفخاري بأحادية اللون (الاسود) وسيادة خاصية الاختزال ، والتكرار معاني تحمل دلالات رمزية خاصة بالألوهية والديمومة والقوة كما في الانموذج رقم  ( 4 ) 

3 - يقف الثور بشكله العام في حالة المواجهة وهو بذلك يحمل دلالة رمزية و حالة اعلان او عرض شكلي لأداء طقوسي يتطلب تلك الحركة ، كما في الانموذج رقم ( 3 )

4- حمل شكل الثور مدلولاً رمزياً خاصاً بالخصب وذلك بسبب اقترانه ، بالقوة واخصاب الحيوانات ، وهي دلالة رمزية خاصة ، شحنت من البيئة المحيطة والمرجعيات العقائدية،  كما في الانموذج رقم ( 3 )

5 - دلالة اختزال الشكل الحيواني مؤكداً ابتعاده عن المحاكاة الواقعية ، والتأكيد على الفكرة لصالح الشكل ، وهو ما جاء جليا في نماذج العينات،  كما في الانموذج رقم ( 3 ، 4 ، 5 )

6 - شكلت دلالة الأعمال الفخارية الايرانية ، علاقة حوارية ما بين الشكل الحيواني ومجموع مكونات الكون ، لارتباطها العقائدي بحياة الانسان الايراني القديم ، ونظرته الى العالم المحيط،  كما في الانموذج رقم ( 3 و 4 و 5 )

7 - مما لا شك فيه ان الدين في بلاد فارس بمثابة روح المجتمع وشعار حضارته ، اذ لعب الدين دوراً كبيراً عندهم فكانوا يشعرون بان بقائهم في الوجود يعتمد على عبادة الآلهة ، وهو ما جعلهم يشخصون الالهة الخاصة بهم ، وبدلالة شكل الحاكم . 

8 – جاءت اشكال الأنية بعدة دلالات موضوعية وفق انفراد مضموني سيق نحو الاعتقاد الاسطوري السائد ، في التجمعات الايرانية القديمة،  كما في الانموذج رقم ( 2 )

9 – شكل الطائر احد اهم الدلالات الصورية ، المجسدة لشكل الالهة في المخيلة الايرانية القديمة ، وهي دلالات شاعت في الحضارات القديمة ، حيت سيقت بدلالة ، الحامي ، والراعي ، وصاحب التبريكات للملوك ،  كما في الانموذج رقم ( 5 )

10 – جاءت دلالات اللون في الأعمال محققة جماليات للتشكيل الفني المرتبط بفكرة محددة كمعالجات تقنية لونية لها ارتباط بصياغة الموضوع ، منسجمة مع مضمون العمل وفي عملية إيصال فكرة الموضوع كما في الانموذج ( 2 و 3  و 4 و 5 )

الاستنتاجات : -

1- مثل التوظيف الديني للمفردات المستخدمة من قبل الفنان الايراني القديم ، انتقالاً من ضرورات التنظيم البصري للشكل الفخاري الى مستوى من التنفيذ الذي يشكل كسياق دلالي فاعل .

2 - يوظف الفنان الايراني القديم المفردات الدينية ذات النزعة الترميزية ، ضمن اشكال مضامينية اخذت طابعاً تعريفياً بالمغزى الدلالي المرتكز على اسس ذات منحى تعبيري عن توجيهات اجتماعية و سياسية .

3- تتأثر طبيعة التوظيف الشكلي على الناتج من تضمين المفردات العقائدية في بنية العمل الفخاري ، بالانساق اللونية والخطية ضمن معالجات اسلوبية تكثّف من معطيات الاسلوب الخاص بكل فنان  .

4- أتخذ الفخار الايراني القديم  خصوصية في المنهج الذي أتبعه من خلال ظهور بعض الآليات والمعالجات على حساب الأخرى ، مما يستنتج بأن لها منهجية مسبقة تتحكم بالعمل المنتج .

4 – إن العينات التي حملت في طياتها مواضيع حكائيه أو سردية والتي احتوت على أكثر من شخص أستخدم فيها آليات التكرار ، والتعبير عن العمق بشكل مبالغ فيه .

 

 

المصادر

1. ابن منظور : لسان العرب ، المجلد الأول ، دار لسان العرب ، بيروت ، ب،ت ، ص1006 .

2. رشيد ، أمينة : السيموطيقا ، إشراف : سيزا قاسم ونصر حامد ابو زيد ، دار الياس العصرية ، القاهرة ، ب،ت ، ص49.

3. ابن منظور ، لسان العرب، دار صادر ودار بيروت،ج3 ، مادة جرد،1956،ص379.

4. ريد هربرت، (حاضر الفن) ترجمة سمير علي، دار الشؤون الثقافية العامة ،بغداد-1986،ص89.

5. محمد عزام ، النقد والدلالة نحو تحليل سيميائي للادب، منشورات وزارة الثقافة، سوريا، 1996ص 8.

6. كلر، جوناثان، فردينادي دي سوسير ، (اصول اللسانيات الحديثة وعلم العلامات)، تر: عز الدين اسماعيل، الناشر المكتبة الاكاديمية، القاهرة، 2000، ص 21.

7. منقور عبد الجليل، علم الدلالة، منشورات اتحاد الكتاب العربي، دمشق، 2001، ص 10.

8. خرابتشنكو، طبيعة الاشارة الجمالية ، ت: مصطفى عبود ، ط1، دار الهمداني للطباعة والنشر، عدن، 1984، ص 14.

9. رولان بارت، مبادئ في علم الدلالة ، ت: محمد البكري، دار الشؤون الثقافية العامة، افاق عربية،ط2،بغداد،ص79.

10. رولان بارت، مبادئ في علم الدلالة، ت: محمد البكري، المصدر نفسه ،ص81.

11. Wusius wong،principles of two Dimensional Design،New york،1977.p.5.

12. ويليك، رينيه، مفاهيم نقدية، ت. محمد عصفور، عالم المعرفة، مطابع الرسالة، الكويت،1987،ص32.

13. اسعد يوسف ميخائيل:سيكولوجيه الابداع في الفن والادب (القاهرة:الهيئة المصرية العامة للكتاب ،1986،ص172.

14. جان دوفينيو، سوسيولوجيا الفن ، ت. هدى بركات ، منشورات عويدات ، بيروت .

15. ذغاتشيف غورغي: الوعي والفن ، المجلس الوطني للثقافة والفنون ، الكويت ، ص154.

16. موركافسكي، جان. الفن بأعتباره حقيقة سيموطيقية(في مدخل إلى السيموطيقيا)، تر. سيزا قاسم، مطبعة الياس العصرية، القاهرة، جـ2، 1986، ص288.

17. إبراهيم ، نجيب ميخائيل . مصر والشرق الادنى القديم . القاهرة ؛ مطبعة الإسكندرية ، 1957 ، ص57 .

18. أميرة حلمي مطر ، فلسفة الجمال ، فلسفة الجمال ، وزارة الثقافة والإرشاد القومي ،مصر ،1962، ص16 .

19. أكرم محمد كسار : قراءة في نتاجات الإنسان الفنية الأولى ، ب ت ، ص31 .

20. E. Durkheim . The Elementary forms of the Religious life ، London ، 1947 ، P. 28 .

21. R. Ghirshman ، Iran from the Earlist Times to the Islamic Conquest ، p. 30 .

22. LA urle schnelder adams .A Art Across Time – city Unirersity of New York 2006 ، p.75.

23. أندريه بارو: سومر فنونها وحضارتها ، الدار العربية للموسوعات ، لبنان ، 1977، ص 92 .

24. محمد اقبال : تطور الفكر الفلسفي في ايران ،ط1 ،تر: محمد محمود الشافعي ، الدار الفنية للتوزيع والنشر ، 1989 ، ص14 .

25. البصري ،ايلاف سعد علي : وظيفة الابلاغ في الرسوم الجدارية العراقية والمصرية القديمة ، ص180 .

Recommended Articles
Research Article
The Positive Role of Zinc oxide Nanoparticles on Certain Physiological Indicators and Oxidative Stress in Two Varieties of Mung Bean (Vigna radiata L.) Under Water Stress Conditions
...
Published: 27/07/2024
Download PDF
Research Article
Development of an Assessment Model for the Online Lecture Process in Higher Education
...
Download PDF
Research Article
The Effect of Web Quest on the Achievement of Fifth Grade Literary Students in Philosophy and Psychology
Published: 30/05/2024
Download PDF
Research Article
The Effectiveness of an Electronic Learning Environment in Developing Geographical Culture Skills among Middle School Students
Published: 30/05/2024
Download PDF
Chat on WhatsApp
Flowbite Logo
Najmal Complex,
Opposite Farwaniya,
Kuwait.
Email: kuwait@iarcon.org

Editorial Office:
J.L Bhavan, Near Radison Blu Hotel,
Jalukbari, Guwahati-India
Useful Links
Order Hard Copy
Privacy policy
Terms and Conditions
Refund Policy
Others
About Us
Contact Us
Online Payments
Join as Editor
Join as Reviewer
Subscribe to our Newsletter
Follow us
MOST SEARCHED KEYWORDS
scientific journal
 | 
business journal
 | 
medical journals
 | 
Scientific Journals
 | 
Academic Publisher
 | 
Peer-reviewed Journals
 | 
Open Access Journals
 | 
Impact Factor
 | 
Indexing Services
 | 
Journal Citation Reports
 | 
Publication Process
 | 
Impact factor of journals
 | 
Finding reputable journals for publication
 | 
Submitting a manuscript for publication
 | 
Copyright and licensing of published papers
 | 
Writing an abstract for a research paper
 | 
Manuscript formatting guidelines
 | 
Promoting published research
 | 
Publication in high-impact journals
Copyright © iARCON Internaltional LLP . All Rights Reserved.